الجمعة، 7 يونيو 2013



في كل صباح يقف عند كشكه الصغير ليلقي عليه تحية الصباح ويأخذ صحيفته المفضلة
ويدفع ثمنها وينطلق ولكنه لا يحظى إطلاقا برد من البائع على تلك التحية
وفي كل صباح أيضا يقف بجواره شخص آخر يأخذ صحيفته المفضلة
ويدفع ثمنها ولكن صاحبنا لا يسمع صوتا لذلك الرجل

وتكررت اللقاءات أمام الكشك بين الشخصين كل يأخذ صحيفته ويمضي في طريقه
وظن صاحبنا أن الشخص الآخر أبكم لا يتكلم إلى أن جاء اليوم الذي وجد ذلك الأبكم يربت على كتفه
وإذا به يتكلم متسائلا:
لماذا تلقي التحية على صاحب الكشك؟
فلقد تابعتك طوال الأسابيع الماضية..
وكنت في معظم الأيام ألتقي بك وأنت تشتري صحيفتك اليومية؟؟
فقال الرجل: وما الغضاضة في أن ألقي عليه التحية؟
فقال: وهل سمعت منه ردا طوال تلك الفترة؟
فقال صاحبنا: لا.
قال: إذن لم تلقي التحية على رجل لا يردها؟
فسأله صاحبنا: وما السبب في أنه لا يرد التحية برأيك؟
فقال: أعتقد أنه وبلا شك رجل قليل الأدب، وهو لا يستحق أساسا أن تُلقى عليه التحية.
فقال صاحبنا: إذن هو برأيك قليل الأدب؟
قال: نعم.
قال صاحبنا: هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟
فسكت الرجل لهول الصدمة.. ورد بعد طول تأمل:
ولكنه قليل الأدب وعليه أن يرد التحية.
فأعاد صاحبنا سؤاله:
هل تريدني أن أتعلم منه قلة الأدب أم أعلمه الأدب؟
ثم عقب قائلاً:
يا سيدي أياً كان الدافع الذي يكمن وراء عدم رده لتحيتنا فإن مايجب أن نؤمن به
أن خيوطنا يجب أن تبقى بأيدينا لا أن نسلمها لغيرنا
ولو صرت مثله لا ألقي التحية على من ألقاه لتمكن هو مني وعلمني سلوكه الذي تسميه قلة أدب،
وسيكون صاحب السلوك الخاطئ هو الأقوى وهو المسيطر وستنتشر بين الناس أمثال هذه الأنماط من السلوك الخاطئ
ولكن حين أحافظ على مبدئي في إلقاء التحية على من ألقاه أكون قد حافظت على ما أؤمن به
وعاجلا أم آجلا سيتعلم سلوك حسن الخلق
ثم أردف قائلاً:
ألست معي بأن السلوك الخاطئ يشبه أحيانا السم أو النار؟
فإن ألقينا على السم سماً زاد أذاه
وإن زدنا النار ناراً أو حطباً زدناها اشتعالا
صدقني يا أخي أن القوة تكمن في الحفاظ على استقلال كل منا
ونحن حين نصبح متأثرين بسلوك أمثاله نكون قد سمحنا لسمهم أو لخطئهم أو لقلة أدبهم
كما سميتها أن تؤثر فينا وسيعلموننا ما نكرهه فيهم
وسيصبح سلوكهم نمطا مميزا لسلوكنا
وسيكونون هم المنتصرين في حلبة الصراع اليومي بين الصواب والخطأ،

د.ميسرة طاهر






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق